المذهب الكلاسيكي


المذهب الكلاسيكي
تمهيد:
المذهب هو"مجموعة مبادئ وآراء متصلة ومنسقة لمفكر أو لمدرسة؛ ومنه المذاهب الفقهية والأدبية والعلمية والفلسفية". 
إن كلمة كلاسيكي "كلمة لها دلالات اختلفت باختلاف العصور، ولهذا تباينت دلالاتها، ومن هنا لابد من إنعام النظر عند استخدامها. وكانت العبارة اللاتينية scriptor classicus (أي الكاتب الكلاسيكي) تعني أول ما تعني الكاتب الذي يكتب للخاصة من علية القوم، على العكس من عبارة scriptor proletarius الذي يكتب لسواد الشعب , ثم إذ هي أخيرا أصبحت تدل على الآداب والفنون الحديثة وإن خالفت القديمة شكلا ومضمونا ولكنها وصفت "بالكلاسيكية" لتساميها.
نشأته وتطوره: أول ظهور لهذا الاصطلاح كان في القرن التاسع عشر، وتحديداً في إيطاليا عام 1818م، ثم انتشر في أقطار أوربا خلال مدة لا تزيد عن عشرين عاماً دراسةً ونقداً، أما ممارسةً فقد كان موجوداً منذ القرن السادس عشر، لكنْ دون استعمال كلمة (الكلاسيكيّة)، وفيما يتعلق باشتقاق المصطلح فإنه يعود إلى لفظ (Classe) بمعنى الصّنف أو الصفّ في المدرسة، وكان لفظ (كلاسيك) يعني الشيء المدرسيّ، أو يُطلق صفةً للأديب الذي تدرّس آثاره في الصفوف والكلّيات، كالأدباء الذين كان ينظر إليهم في القرن الثامن عشر على أنهم نماذج جديرة بأن يتمثلها الجيل الجديد.
ثم أصبحت كلمة (كلاسيك) تحمل معنى الأفضل والممتاز، فالأدباء النماذج كان ينظر إليهم بوصفهم منتمين إلى طبقة كبار الشعراء اليونانيين واللاتينيين، ثم تطوّرت دلالة كلمة (كلاسيك) فأصبحت عَلَماً على مذهب معيّن، له سماتٌ شاملة، لكنها تتيح وجود تنوعات واختلافات في داخلها، وكانت (مدام دوستايل) الناقدة الفرنسية الألمانية في كتابها: (من ألمانيا) من أوائل من أوضح سمات هذه المدرسة.
لقد كان المذهب الكلاسيكيّ في نشأته مرتبطاً بالأنظمة المالكة والطبقات الأرستوقراطية، لأنها كانت في أذواقها تنشد الأفضل والأجمل، من هنا كان الفرنسيُّ (فولتير) المتوفى عام 1778م يعلن انتماءه إلى عصر (لويس الرابع عشر 1661-1685)، وقد أكَّد في مؤلفاته أنَّ الحضارةَ الأرستوقراطيةَ لا بُدَّ من أن تستتبع نوعاً من الكلاسيكية بدرجة ما.
2-
جذور الكلاسيكية:
تمتد جذور (الكلاسيكية) إلى القرن الثالث عشر في إيطاليا حيث لمع أدباء كبار منهم (دانتي) (القرن الثاني عشر والثالث عشر)، أشهر شعراء إيطاليا حينذاك، ومنهم الشاعر (بترارك) (القرن الرابع عشر) وكان أول من كتب باللغة الإيطالية، واشتهر بدعوته إلى إحياء التراث والتنقيب في آداب الأقدمين (اليونان واللاتين)، ومنهم الشاعر (بوكاشيو) (القرن الرابع عشر) الذي أتقن اللغة اليونانية وخبر آدابها، ولكنّه آثر الكتابة باللغة الإيطالية، فأغناها حين جعلها لغةً للأدب الرفيع، وألّف فيها كتابه (الديكاميرون) وهو مجموعة من الحكايات النثرية التي تصور المجتمع الإيطالي.
3-
بزوغ الكلاسيكية:
بدأت بوادر المذهب الكلاسيكي بالظهور في القرن السادس عشر فيما بين عام 1515م وعام 1610م، ويطلق على هذه الفترة عادة اسم (عصر النهضة) الذي يدل على يقظة الآداب والفنون في القرن السادس عشر.
وكانت إرهاصات هذه النهضة واضحة تماماً حين أسفر القرنان الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين عن حركة أدبية مزدهرة، ورغم أن هذا الازدهار ما لبث أن مال إلى الانحدار في القرن الرابع عشر، إلا أنه مع الحروب الفرنسية الإيطالية حدث بين الطرفين احتكاك حضاري انتهى بالفرنسيين إلى العودة لدراسة النصوص اليونانية واللاتينية وفهمها على نحو أفضل.
ومنذ القرن السادس عشر بدأ مركز النشاط الكلاسيكي بالانتقال من إيطاليا إلى فرنسا، ورغم أن الكلاسيكية قد عمت أوربا كلها إلا أنها كانت في فرنسا أكثر وضوحاً وازدهاراً، وباللغة الفرنسية ظهرت أعمال أشهر الأدباء الكلاسيكيين.
وفي المقال اللاحق سنتناول بدايات الكلاسيكية الفرنسية من خلال استعراض نتاجها في الأدب الفرنسي كنموذج بارز للمذهب الكلاسيكي الأوربي، كان له سطوع شديد في أوربا بل في العالم أجمع.
من أهمّ خصائص المذهب الكلاسيكي التي تميّزه عن غيره من المذاهب :
1-    الاعتماد على العمل الواعي المتّزن ، و التّفكير المعتدل
2-    و الاعتماد على العواطف العامّة ، وهذا لا يعْني أنّ الأديب لا يُعَبّر عن عواطفه،.
3-      الاعتماد على مبادئ العقل، و تجّنب الإسراف العاطفي و هذه الخاصية ناتجة مباشرة عن الاعتماد على العقل الواعي المتّزن
4-    الاعتناء بالأدب الموضوعي من قصّة و مسرحيّة أكثر من الاعتناء بالفنون الأدبيّة الأخرى،
5-    الحرص على جودة الصّياغة الّغوية ، ونَعْني بها الإمعان في صنعة الكلام، وفصاحة التّعبير.
6-    التّقيّد بقانون الوحدات الثلاثة لأنّ اعتقادهم أنّ المسرحيّة إذا تعددّت مواضيعها،
7-    -6 محاكاة القدامى و تقليدهم لاعتقاد الكلاسيكيّين أنّ أدب اليونان و الرّومان هو أجود الآداب و أحسنها .
8-    إحياء الثّرات الأدبي القديم، و هذا المبدأ لن يتحقّق بدون المبدأ الذّي سبقه.
9-    وله خصائص أخرى مميزة، ومنها:
العناية بالأسلوب.
الحرص على فصاحة اللغة،
وأناقة العبارة. مخاطبة الجمهور المثقف.
التعبير عن العواطف الإنسانيّة العامة.
توظيف الأدب لخدمة الأغراض التعليميّة،
واحترام التقاليد الاجتماعيّة.
من أبرز شخصيات المذهب الكلاسيكي في أوروبا
الشاعر الإنكليزي جون أولدهام  1653 – 1773م وهو ناقد أدبي ومن المؤيدين للكلاسيكية.
الناقد الألماني جوتشهيد  1700 – 1766م الذي ألف كتاب فن الشعر ونقده.
الأديب الفرنسي راسين  1639 – 1699م وأشهر مسرحياته فيدرا والإسكندر.
الأديب كورني  1606 – 1784م وأشهر مسرحياته السيد – أوديب.
الأديب موليير  1622 – 1673م وأشهر مسرحياته البخيل – طرطوف.
الأديب لافونتين  1621 – 1695م الذي اشتهر بالقصص الشعرية وقد تأثر به أحمد شوقي في مسرحياته.
من أعلام الكلاسيكيين :
-
(أولوس جيليوس) .. و هو أول من استعمل لفظ الكلاسيكية ..
-
و كان الكاتب الإيطالي بوكاتشيو أول من ألغى الفارق بين الكتابة 
الأرستقراطية و الكتابة الشعبية ..
-
(شكسبير ) و هو رائد الكلاسيكية الإنجليزية ..
-
(راسين) و أشهر مسرحياته ( فيدرا , أندروماك , الإسكندر ) .. 
مبادئ المذهب الكلاسيكي :
-
يهتم بالأدبين اليوناني و الروماني .. و اعتبارهما المثال الأعلى الذي يؤخذ عنه القواعد النقدية و الأدبية و يدعو إلى العودة إليهما و العمل بالقواعد الأرسطية في كتابيه الشهيرين ( فن الشعر و فن الخطابة )
-
العقل هو الأساس الأول لفلسفة الجمال و الأدب .. و به يحدد الرسالة الاجتماعية للشاعر و الأديب .. و هو المعيار الذي يوحد بين المتعة و المنفعة ..
-
التعبير عن المشاعر التي يشترك فيها جميع البشر ( و هنا نرى البون الشاسع بينه و بين المذهب الرومانسي ) ..
-
الاهتمام بالأسلوب و الشكل .. من حيث فصاحته و بيانه و جماله ..
-
الاهتمام بالطبقة العيا من المجتمع .. 
الكلاسيكية الحديثة:
تطورت الكلاسيكية في الوقت الحاضر إلى ما أطلق عليه النقاد (النيوكلاسيكية) أو الكلاسيكية الحديثة، والتي حاولت أن تنظر إلى الأمور نظرة تجمع بين الموضوعية الجامدة للكلاسيكية القديمة والذاتية المتطرفة للرومانسية الجديدة. وقد بدأت هذه المدرسة في الظهور على يد كل من ت. س. اليوت الكاتب والأديب الأمريكي، وأ. أ. ريتشاردز وغيرهم من النقاد المعاصرين.
أصل الكلاسيكية:يعد الكاتب اللاتيني أولوس جيليوس هو أول من استعمل لفظ الكلاسيكية على أنه اصطلاح مضاد للكتابة الشعبية، في القرن الثاني الميلادي.
وأول من طور الكلاسيكية الكاتب الإيطالي بوكاتشيو 1313-1375م فألغى الهوة بين الكتابة الأرستقراطية والكتابة الشعبية، وتعود له أصول اللغة الإيطالية المعاصرة.
الرؤية الإسلامية للكلاسيكية :
أولاً : الارتباط الشديد بالأدبين اليوناني والروماني ، واعتبارهما النموذج الأعلى للأدب . وهذان الأدبان – على ما فيهما من تصوير بارع للعواطف الإنسانية – إلا أنهما مرتبطان بالتصورات الوثنية ، ولذا تأثر أدباؤهم بالروح الوثنية ونظرتها إلى القدر ،
ثانياً : قلة اهتمامهم بمشكلات الحياة الاجتماعية والسياسية ، في حين أننا نريد من الأديب أن يهتم – فيما يهتم به – بهذه المشكلات ، ونرى أن الأدب للحياتين ، الدنيا والآخرة .
ثالثاً : يوجه الكلاسيكيون اهتمامهم إلى الطبقات العليا في المجتمع ، ويجعلونها محور أدبهم ويختارون منها موضوعاتهم وأبطالهم .
رابعاً : يربط الكلاسيكيون الأدب بالمبدأ الخلقي ، وهذا أمر يتوافق مع الاتجاه الإسلامي في عمومه ، ولكن مفهوم المبدأ الخلقي عند الكلاسيكي يختلف اختلافاً كبيراً عن مفهومه الإسلامي


কোন মন্তব্য নেই:

একটি মন্তব্য পোস্ট করুন

প্রকৃত মুসলমান হওয়ার জন্য প্রত্যেক মুমিনের আল্লাহওয়ালা সমাজকেন্দ্রিক হওয়া উচিত। _ হযরত কায়েদ ছাহেব হুজুর রহ.